سورة الصافات - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصافات)


        


{وتركنا عليه في الآخرين سلام على إل ياسين} قرئ آل ياسين بالقطع قيل أراد آل محمد صلى الله عليه وسلم وقيل آل القرآن لأن ياسين من أسماء القرآن وفيه بعد وقرئ الياسين بالوصل ومعناه إلياس وأتباعه من المؤمنين {إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين} قوله تعالى: {وإن لوطاً لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزاً في الغابرين} أي الباقين في العذاب {ثم دمرنا} أي أهلكنا {الآخرين وإنكم} أي أهل مكة {لتمرون عليهم} أي على آثارهم ومنازلهم {مصبحين} أي في وقت الصباح {وبالليل} أي وبالليل في أسفاركم {أفلا تعقلون} أي فتعتبرون بهم.
قوله عز وجل: {وإن يونس لمن المرسلين} أي من جملة رسل الله تعالى {إذ أبق} أي هرب {إلى الفلك المشحون} أي المملوء قال ابن عباس ووهب كان يونس وعد قومه العذاب فتأخر عنهم فخرج كالمستور منهم فقصد البحر فركب السفينة فاحتبست السفينة فقال الملاحون هاهنا عبد آبق من سيده فاقترعوا فوقعت على يونس فاقترعوا ثلاثاً وهي تقع على يونس فقال أنا الآبق وزجَّ نفسه في الماء.
وقيل إنه لما وصل إلى البحر كانت معه امرأته وابنان له فجاء مركب فأراد أن يركب معهم فقدم امرأته ليركب بعدها فحال الموج بينه وبين المركب وذهب المركب وجاءت موجة أخرى فأخذت ابنه الأكبر وجاء ذئب فأخذ الابن الأصغر فبقي فريداً فجاء مركب فركبه وقعد ناحية من القوم فلما مرت السفينة في البحر ركدت فقال الملاحون إن فيكم عاصياً وإلا لم يحصل وقوف السفينة فيما نراه من غير ريح ولا سبب ظاهر فاقترعوا فمن خرج سهمه نغرقه فلأن يغرق واحد خير من غرق الكل فاقترعوا فخرج سهم يونس فذلك قوله تعالى: {فساهم} أي فقارع {فكان من المدحضين} يعني من المقرعين المغلوبين في سورة يونس والأنبياء {فالتقمه الحوت} أي ابتلعه {وهو مليم} أي آت بما يلام عليه {فلولا أنه كان من المسبحين} أي من الذاكرين الله عز وجلّ قبل ذلك وكان كثير الذكر وقال ابن عباس من المصلحين وقيل من العابدين. قال الحسن ما كانت له صلاة في بطن الحوت ولكنه قدم عملاً صالحاً فشكر الله تعالى له طاعته القديمة قال بعضهم اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة فإن يونس كان عبد اً صالحاً ذاكراً لله تعالى فلما وقع في الشدة في بطن الحوت شكر الله تعالى له ذلك فقال {فلولا أنه كان من المسبحين}.


{للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} وقيل لولا أنه كان يسبح في بطن الحوت بقوله: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} للبث في بطنه إلى يوم يبعثون أي لصار بطن الحوت قبراً له إلى يوم القيامة.
قوله عز وجل: {فنبذناه} أي طرحناه إنما أضاف النبذ إلى نفسه وإن كان الحوت هو النابذ لأن أفعال العباد كلها مخلوقة لله تعالى: {بالعراء} أي بالأرض الخالية عن الشجر والنبات. وقيل بالساحل {وهو سقيم} أي عليل كالفرخ الممعط وقيل كان قد بلي لحمه ورق عظمه ولم تبق له قوة قيل إنه لبث في بطن الحوت ثلاثة أيام وقيل سبعة وقيل عشرين يوماً وقيل أربعين وقيل التقمه ضحى ولفظه عشية {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} يعني القرع قيل إن كان نبت يمتد وينبسط على وجه الأض كالقرع والقثاء والبطيخ ونحوه فهو يقطين قيل أنبتها الله تعالى له ولم تكن قبل ذلك وكانت معروشة ليحصل له الظل وفي شجر القرع فائدة وهي أن الذباب لا يجتمع عندها فكان يونس يستظل بتلك الشجرة ولو كانت منبسطة على الأرض لم يكن أن يستظل بها قيل وكانت وعلة تختلف إليه فيشرب من لبنها بكرة وعشية حتى اشتد لحمه ونبت شعره وقوي فنام نومة ثم استيقظ وقد يبست الشجرة وأصابه حر الشمس فحزن حزناً شديداً وجعل يبكي فأرسل الله تعالى إليه جبريل وقال أتحزن على شجرة ولا تحزن على مائة ألف من أمتك قد أسلموا وتابوا {وأرسلناه إلى مائة ألف} قيل أرسله إلى أهل نينوى من أرض الموصل قبل أن يصيبه ما أصابه والمعنى وكنا أرسلناه إلى مائة ألف فلما خرج من بطن الحوت أمر أن يرجع إليهم ثانياً وقيل كان إرساله إليهم بعد خروجه من بطن الحوت وقيل يجوز أن يكون إرساله إلى قوم آخرين غير القوم الأولين {أو يزيدون} قال ابن عباس معناه ويزيدون وقيل معناه بل يزيدون وقيل أو على أصلها والمعنى أو يزيدون في تقدير الرائي إذا رآهم قال هؤلاء مائة ألف أو يزيدون على ذلك فالشك على تقدير المخلوقين والأصح هو قول ابن عباس الأول.
وأما الزيادة فقال ابن عباس كانوا عشرين ألفاً ويعضده ما روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} قال يزيدون عشرين ألفاً» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وقيل يزيدون بضعاً وثلاثين ألفاً وقيل سبعين ألفاً.


{فآمنوا} يعني الذين أرسل إليهم يونس بعد معاينة العذاب {فمتعناهم إلى حين} أي إلى انقضاء آجالهم.
قوله عز وجل: {فاستفتهم} أي فسل يا محمد أهل مكة وهو سؤال توبيخ {ألربك البنات ولهم البنون} وذلك أن جهينة وبني سلمة بن عبد الدار زعموا أن الملائكة بنات الله.
والمعنى جعلوا لله البنات ولهم البنين وذلك باطل لأن العرب كانوا يستنكفون من البنات والشيء الذي يستنكف منه المخلوق كيف ينسب للخالق {أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون} أي حاضرون خلقنا إياهم {ألا إنهم من إفكهم} أي من كذبهم {ليقولون ولد الله} أي في زعمهم {وإنهم لكاذبون} أي فيما زعموا {أصطفى البنات} أي في زعمكم {على البنين} وهو استفهام توبيخ وتقريع {ما لكم كيف تحكمون} أي بالبنات لله ولكم بالبنين {أفلا تذكرون} أي أفلا تتعظون {أم لكم سلطان مبين} أي برهان بين على أن لله ولداً {فأتوا بكتابكم} يعني الذي لكم فيه حجة {إن كنتم صادقين} أي في قولكم {وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً} قيل أراد بالجنة الملائكة سموا جنة لاجتنانهم عن الأبصار.
قال ابن عباس هم حي من الملائكة يقال لهم الجن ومنهم إبليس قالوا هم بنات الله فقال لهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه فمن أمهاتهم قالوا سروات الجن.
وقيل معنى النسب أنهم أشركوا في عبادة الله تعالى.
وقيل هو قول الزنادقة الخير من الله والشر من الشيطان {ولقد علمت الجنة إنهم} يعني قائلي هذا القول {لمحضرون} أي في النار {سبحان الله عما يصفون} نزه الله تعالى نفسه عما يقولون {إلا عباد الله المخلصين} هذا استثناء من المحضرين والمعنى أنهم لا يحضرون.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7